كيف نحب مصر ..؟

ذات يوم شاشة التليفزيون شاهدت أحدهم وهو يبكي بعد أن اكتشف أنه لم يكن يعرف أنه (يحب مصر) بهذا القدر.
رجاء من مواطن مصري سكندري .. دعونا من كل النظريات والشوشرة الكاذبة، دعونا من الذين يكتفون بحب مصر على أمواج الإذاعة والتليفزيون.
إننا فقط نريد من هؤلاء أن يحبوا مصر من غير التمثيليات والخطب والأناشيد.
نريد من هؤلاء أن يحبوا مصر .. بأن يحبوا شعبها، فهذا هو الحب الأصيل وليس مجرد حب لظلها الظليل، أن يحبوا شعبها هو أن يكافحوا لكي يتعلم الطفل أفضل .. يلبس المواطن المصري أفضل .. يأكل أفضل .. يجد مرافق تجعل حياته أكثر راحة بعد أن صارت هذه المرافق بدائية كمواسير المياه والمجاري والمواصلات العامة والشوارع المدمرة بحيث تكون هذه المرافق في حالة أفضل.
نعم نحن نحب مصر ونمتلك وطنية رائعة المعنى ولكن الوطنية اليوم بالممارسة وليست بالأغاني والأناشيد والمهرجانات، لنعمل وننتج ونتعب ونعرق وبعد ذلك نشتري السيارات الكاديلاك فهذا في رأيي وضع اقتصادي سليم أما إن يركب الكاديلاك مائة شخص ويركب كباري المشاة مليون ويجري وراء المواصلات العامة ملايين وتدفع هذه الملايين ثمن الكاديلاك فهذا ليس ظلماً فحسب وإلا كنا احتملناه ولكنه أصبح كارثة اقتصادية قومية
لا يمكن أن تكون وطنياً دون أن تحب الشعب الذي تنتمي إليه وهذا الحب لا يكون بالكلمات وإنما بالفعل من أجل رفع مستوى معيشة الشعب بحيث يعيش المصريون (جميعاً) حياة لائقة وكريمة.
لم تعد الوطنية هي التعصب بمعنى عدوان الوطن على أوطان غيره والسيادة عليها بالمعنى النازي الهتلري ولم تعد الوطنية مجرد رؤية الوطن عزيزاً مستقلاً من احتلال الغير له وإنما الوطنية هي رؤية المواطنين أعزاء أحرار يتمتعون بمستوى لائق من المعيشة ولا يعانون من استغلال داخلي أو خارجي، فوطنية العصر الديمقراطي في رأيي هي وطنية الحرية والمساواة والمصري الحقيقي هو الذي يؤرقه العدوان على وطنه كما يؤرقه أن يرى معظم مواطنيه يعيشون معيشة مخزية ويغضبه كثيراً أن تقوم أي ظروف تسمح باستغلال المصري للمصري تحت ستار أن الكل مصريون.
لا أعتقد أن الدفاع عن الطبقات الشعبية عيباً وإنما أراه جزءً لا يتجزأ من الوطنية المصرية فهي قضية مقدسة اؤمن بها تماماً، أن يشعر الشعب بأن نضاله ايضاً يمتد إلى الأمل في حياة أحسن حياة أكثر عدالة وأعلى مستوى ويجب أن يشعر بأن الجميع يشاركون في أعباء هذا النضال.
لابد أيها المصريون أن نحقق السيادة لأنفسنا ولمصر وذلك بسيطرة الشعب على ثروات بلاده ولابد أن نتحرر من أي سيادة أجنبية ويجب ايضاً أن يكون أبناء مصر شركاء في الحكم متساويين في الحقوق والواجبات متساويين في القوة والحرية، يجب أن نتعدى تصورنا في حب مصر المنحصر في مباريات الكرة وحدها والمفترض أن يظهر هذا في قضايا حيوية وكبرى تواجهنا وتعترض طريقنا وتشكل تحديات بالنسبة لنا (ونحن لها بعون الله) مادمنا نحيا في حب هذا الوطن حب صادق نابع من القلب وليس من الجيب.
نعم لقد اهينت مصر وكلنا نريد أن نرد هذه الإهانة ولكن اسمحوا لي ...
حينما نريد الدفاع عن الكرامة الوطنية فنحن بصدد قضية رئيسية بشرط أن يكون هذا الدفاع في كل الميادين والمجالات وليس فقط فيما يتعلق بكرة القدم.
وكما قلت في ردود عديدة على بعض المواضيع هنا في هذا المنتدى الرائع أن لكل منا دوره...
فمن يجد ان دوره هو بث الشعور الوطني الحق في داخل كل مصري فليفعل وفوراً وقسماً (سنتغير) فنحن نعشق تراب مصر ونحبها حباً لا حدود له ولكن يجب أن يكون بث هذا الشعور في نفس كل مصري مبنياً على أسس اجتماعية واقتصادية سليمة ووضع برنامج قومي تلتقي عنده كلمة (المصريين)...
فمن غيرنا سيحقق رغبات مصر في التقدم ..؟
من غيرنا سيرسم معالم الغد ويرفع من مستوى حياتنا الروحية والمادية ..؟
أليس نحن شباب هذا الوطن ودرعه ..؟
مصر ليست مكاناً جغرافياً ومشاهد طبيعية خلابة وإنما هي نحن .. نحن الذين عشنا ومازلنا نعيش فيها، ولن يتعمق شعورنا بالإنتماء إلا إذا أيقنا أنها (مصر) وطننا وأننا أصحابها والسادة في أرضها نتمتع بكل ثمارها ومواردها ونحرص على زيادتها وتطويرها باستمرار لتحقيق الإستقرار لحياتنا وللأجيال القادمة التي ستكمل مسيرتنا.
إخواني المصريين الأحرار .. لتكن مصر مكان سعادتنا اجمعين بالحرية والفكر والعمل

تحياتي لكم