معركة بناء وليست معركة هدم

نعم ضاعت منا مباراة في منافسة رياضية‮.. ‬ولكننا كسبنا أمامها مكسباً لا يوزن بميزان‮ ‬الربح أو‮ ‬الخسارة‮.. ‬لقد كسبنا‮ ‬العلم المصري راية نصر جديدة‮.. ‬نصر علي الاحباط‮.. ‬نصر علي النفس التي كانت قد بدأت تدخل سباتاً عميقا‮ً .. ‬ظهر العلم المصري في روح جديدة‮ .. إلتف حوله الجميع رجالاً ونساءً وشيوخاً من كل فئات المجتمع المصري الكبير‮.. ‬وأهم هذه الفئات هي نحن شباب المستقبل‮. ‬شباب مصريون بدءاً من سن الخامسة عشرة وأكثر‮. ‬كلنا رفعنا العلم‮.. ‬والتفينا حوله‮.. ‬التفافنا لم يكن حول عمود خشبي يحمل في قمته قطعة من القماش لها ألوان ثلاثة‮.. ‬التفافنا كان حول رمز الوطن‮.. ‬دليل الأمة الذي رأيناه يعامل بما لا يليق به‮.. ‬انتفضت مشاعرنا وكان يظن الجميع أنها تجمدت وتقوقعت داخل كل نفس‮.. ‬هتافنا حول العلم لم يكن صراخاً عشوائياً بل كلام وطني نابع من القلب‮.. ‬كلامنا لم يكن سباباً بل حس وطني انطلق ليعبر عن رفضنا اهانة هذا الرمز‮.. ‬دعوتنا لم تكن مؤذية لكنها كانت دعوة احترام وتوقير لاسم الوطن ورايته‮.. ‬أين كنا حقاً‮..؟
‬إننا مشغولون بحياتنا ولكننا لم ننسى علمنا ‮.. ‬رمز دولتنا ووطننا‮.. ‬أين كان كل هذا الحب الجارف‮..؟
‬هل كنا نحتاج إلي أزمة لكي يظهر أمام العالم ‮.. ‬وأمام أنفسنا نحن أبناء الوطن‮ .. ‬نحن شباب مصر لم يدعنا أحد أو تحركنا جبهة ما لنلتف حول العلم نعلن حبنا واحترامنا وتمسكنا به‮.. ‬التففنا حول مساحته الحمراء الزاهية المتوجهة لنعبر عن قوة الأمل في النفس وأمل الاشراق في الغد وطموح التقدم في المستقبل‮.. ‬دافعنا عن مساحته البيضاء دليل الفطرة النقية التي لم يدنسها شئ وقيم وعادات وتقاليد ورثناها عن الآباء والأجداد نحافظ عليها من جيل إلي جيل‮.. ‬احتمينا بمساحته السوداء دليل الثورة علي الظلم والكفاح ضد الاستعمار لنيل الحرية والاستقلال‮.. ‬دافعنا عن النسر رمز القوة والعظمة لنستمد منه قوة تعبيرنا ورقي كلماتنا .. ‬نحن شباب مصر التففنا حول العلم لنعلن أننا مازالنا مصريون‮.. ‬وإن شغلتنا الحياة نحو تحقيق نجاح الدراسة أو كسب لقمة العيش‮. ‬لقد التففنا نحن الشباب حول العلم‮.. ‬وعلينا الآن أن نجد من يحتضننا ونحن ملتفون حول راية الوطن‮.. ‬دافعنا عن ألوانه وعلينا من يحب مصر أن يوجهنا نحو وجهة واحدة‮.. ‬ولتكن هذه الوجهة هي بناء الوطن‮.. ‬كل في مكانه يبني ويعمر‮.. ‬بناء الوطن‮ ‬بالخطة السليمة وإعمار النفس بالإيمان الصادق‮.. ‬ذلك الإيمان الذي رأيته بعيني في طفلين صغيرين يجلسان علي رصيف شارع‮.. ‬أحدهما فتح القرآن الكريم وأخذ يقرأ بصوت عال‮.. ‬والآخر يستمع إليه‮.. ‬يقرأ بعينيه معه ويدعو بقلبه طالباً الفوز‮.. ‬نحن شباب هذه الأمة ننادي كبارها برايات الأعلام ترفرف في سماء الوطن يعلو صوتنا باحتياج قوتنا لخبرة الكبار‮.. ‬علينا أن نتكاتف جميعا لنستفيد من فرصة اتاحها القدر لنا‮.. ‬فلقد ثرنا من‮ ‬غير معركة‮.. ‬ليخلق لنا من يحب مصر المعركة الحقيقية ذات الهدف‮.. ‬ولتكن معركة بناء الوطن معركة بناء وليست معركة هدم‮.. ‬معركة الربح‮ ‬غير معركة الخسارة‮.. ‬معركة دون دماء‮